من هم المدافعين عن حقوق الانسان

"المدافعون عن حقوق الإنسان" عبارة تستخدم لوصف أولئك الذين يعملون، منفردين أو من ضمن مجموعة من أجل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بطريقة سلمية. ويتم التعرف على المدافعين عن حقوق الإنسان في المقام الأول من خلال ما يفعلونه، وأفضل تفسير لهذه العبارة هو في وصف الأعمال التي يؤدونها (الفرع أ أدناه) وبعض السياقات التي يعملون ضمنها (الفرع ب أدناه). 


أ. ماذا يفعل المدافعون عن حقوق الإنسان؟

ضمان تمتع الجميع بكافة حقوق الإنسان
المدافع عن حقوق الإنسان هو من يعمل من أجل أي حق من حقوق الإنسان (أو مجموعة حقوق) بالنيابة عن أفراد أو مجموعات من الأفراد. ويسعى المدافعون عن حقوق الإنسان إلى تعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن تعزيز وحماية وإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ويتناول المدافعون عن حقوق الإنسان أي شواغل تتصل بحقوق الإنسان، والتي يمكن أن تكون متفاوتة بحيث تشمل، على سبيل المثال، حالات الإعدام خارج نطاق القضاء، والتعذيب، والتوقيف والاحتجاز التعسفي، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، والتمييز، والمسائل المتعلقة بالتوظيف، والإخلاء القسري للمساكن، والحصول على الرعاية الصحية، والنفايات السامة وتأثيرها على البيئة. وينشط المدافعون في دعم مجالات متنوعة من حقوق الإنسان تشمل الحق في الحياة، والحق في الحصول على الغذاء والماء، والتمتع بأعلى مستوى من الرعاية الصحية يمكن بلوغه، والحق في السكن اللائق، وحق الفرد في أن يكون له اسم وجنسية، والحق في التعليم، وحرية التنقل وعدم التعرض للتمييز. وهم يتناولون في بعض الأحيان الحقوق المتعلقة بمجموعات من الناس مثل حقوق المرأة، وحقوق الطفل، وحقوق الشعوب الأصلية، وحقوق اللاجئين والمشردين داخلياً، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وحقوق الأقليات القومية واللغوية.

كفالة حقوق الإنسان في كل مكان
ينشط المدافعون عن حقوق الإنسان في كل أرجاء العالم: في الدول التي قسمتها النزاعات الداخلية المسلحة والدول المستقرة على حد سواء؛ وفي الدول غير الديمقراطية وتلك التي لديها ممارسة ديمقراطية راسخة؛ وفي الدول النامية اقتصادياً وتلك المصنفة كدول متقدمة. كما يسعون إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مجموعة متنوعة من التحديات.

العمل على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية
تعمل أكثرية المدافعين عن حقوق الإنسان على المستويين المحلي والوطني، لدعم احترام حقوق الإنسان ضمن مجتمعاتهم المحلية وبلدانهم. ونظراؤهم الرئيسيون، في مثل هذه الحالات، هم السلطات المحلية التي تقع على عاتقها كفالة احترام حقوق الإنسان ضمن إقليم محدد أو البلد ككل. لكن بعض المدافعين يعملون على المستويين الإقليمي أو الدولي. وقد يُعنون، على سبيل المثال، برصد حالة تتعلق بحقوق الإنسان على الصعيد الإقليمي والعالمي، ويقدمون المعلومات إلى آليات حقوق الإنسان الإقليمية أو الدولية، بما في ذلك مقررون خاصون آخرون تابعون لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيئات المعاهدات.

جمع ونشر المعلومات بشأن الانتهاكات
يقوم المدافعون عن حقوق الإنسان بالتحري وجمع المعلومات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والتبليغ عنها. ويمكنهم أن يستخدموا، على سبيل المثال، استراتيجيات ممارسة الضغط لتوجيه نظر الجمهور والمسؤولين الرئيسيين في مجالي السياسة والقضاء إلى تقاريرهم، وضمان أن تكون التحقيقات التي يقومون بها موضع اهتمام وكفالة معالجة انتهاكات حقوق الإنسان. ويتم مثل هذا العمل في الغالب من خلال منظمات حقوق الإنسان التي تصدر تقارير دورية بشأن النتائج التي تتوصل إليها. مع ذلك، يمكن أن يقوم أحد الأفراد أيضاً بالتركيز على حادثة معينة من حوادث انتهاك حقوق الإنسان ثم يجمع المعلومات ويبلغ عنها.

دعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان
يمكن وصف جزء كبير من أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان بأنه عمل يدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. فالتحقيق في الانتهاكات الجارية والتبليغ عنها يمكن أن يساعدا على وضع حد لها، ومنع تكرار وقوعها وإعانة الضحايا على اللجوء إلى المحاكم. ويقدم بعض المدافعين عن حقوق الإنسان المشورة القانونية المتخصصة إلى الضحايا ويمثلونهم في العمليات القضائية، بينما يتولى آخرون إسداء المشورة للضحايا ودعم إعادة تأهيلهم.

الإجراءات المتخذة لضمان المساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب
يعمل العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان من أجل ضمان المساءلة إزاء احترام المعايير القانونية لحقوق الإنسان. وقد يشمل ذلك، بمعناه الأوسع، ممارسة الضغط على السلطات ودعوة الدولة إلى بذل المزيد من الجهود للوفاء بما قبلته من التزامات دولية في مجال حقوق الإنسان وذلك بتصديقها على المعاهدات الدولية.
وفي بعض الحالات الأكثر تحديداً، يمكن أن يقود التركيز على المساءلة المدافعين عن حقوق الإنسان إلى الإدلاء بشهاداتهم بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت، وذلك إما في منبر عام (صحيفة على سبيل المثال) أو أمام محكمة أو هيئة قضائية. وبهذه الطريقة، يساهم المدافعون، نيابةً عن الضحايا في حالات محددة تنطوي على انتهاك حقوق الإنسان، في ضمان تحقيق العدالة ووضع حد لأنماط الإفلات من العقاب، مما يحول دون وقوع هذه الانتهاكات مستقبلاً. وثمة عدد كبير من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يركزون حصراً على وضع حد للإفلات من العقاب، وكثيراً ما يعمل هؤلاء من خلال منظمات أنشئت لهذا الغرض. كما قد تعمل نفس مجموعات المدافعين عن حقوق الإنسان على تعزيز قدرة الدولة على ملاحقة مرتكبي الانتهاكات وذلك بوسائل منها مثلاً، توفير التدريب في مجال حقوق الإنسان للمدعين العامين والقضاة ورجال الشرطة.

دعم الحكم الرشيد وسياسات الحكومة
يركز بعض المدافعين عن حقوق الإنسان على تشجيع الحكومة ككل على الوفاء بالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان وذلك بوسائل منها مثلاً، نشر المعلومات حول سجل الحكومة المتعلق بتنفيذ معايير حقوق الإنسان ورصد التقدم المحرز. ويركز البعض الآخر من المدافعين عن حقوق الإنسان على الحكم الرشيد والدعوة إلى التحول الديمقراطي والقضاء على الفساد وسوء استخدام السلطة، وتدريب السكان على كيفية التصويت وتنبيههم إلى أهمية مشاركتهم في الانتخابات.

المساهمة في تنفيذ معاهدات حقوق الإنسان
يساهم المدافعون عن حقوق الإنسان مساهمة كبيرة، خصوصاً من خلال منظماتهم، في التنفيذ الفعلي للمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهناك العديد من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية الدولية التي تساعد في إنشاء مشاريع لتوفير المسكن والرعاية الصحية والمشاريع المولدة للدخل المستدام لصالح الجماعات الفقيرة والمهمشة. كما توفر هذه المنظمات التدريب على المهارات الأساسية والمعدات مثل أجهزة الحاسوب من أجل تحسين إمكانية حصول هذه الجماعات على المعلومات.
وتستحق هذه المجموعة اهتماماً خاصاً حيث لا يُشار إلى أعضائها دائماً كمدافعين عن حقوق الإنسان وقد لا يستخدمون هم أنفسهم عبارة "حقوق الإنسان" لوصف عملهم، بل يركزون على عبارات تدل على مجال نشاطهم مثل "الصحة" أو "السكن" أو "التنمية". وفي الواقع، توصف العديد من الأنشطة الداعمة لحقوق الإنسان عموماً كأعمال للتنمية. ويقع ضمن هذه الفئات العديد من المنظمات غير الحكومية وهيئات الأمم المتحدة. فعملها، كما هو الحال بالنسبة إلى عمل المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان، يؤدي دوراً محورياً في مجال احترام معايير حقوق الإنسان واحترامها وإعمالها، وهذه المجموعات تحتاج وتستحق الحماية التي يوفرها لأنشطتها الإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

التثقيف والتدريب في مجال حقوق الإنسان
يشكل التثقيف في مجال حقوق الإنسان عملاً رئيسياً إضافياً يضطلع به المدافعون عن حقوق الإنسان. وفي بعض الحالات، تتخذ أنشطة التثقيف شكل التدريب على تطبيق معايير حقوق الإنسان في سياق عمل مهني، مثل عمل القضاة أو المحامين أو رجال الشرطة أو الجنود أو المسؤولين عن رصد حقوق الإنسان. وفي حالات أخرى، قد يكون التثقيف على نطاق أوسع ويشمل تدريس حقوق الإنسان في المدارس والجامعات أو نشر المعلومات بشأن معايير حقوق الإنسان للجمهور عموماً أو المجموعات السكانية الضعيفة.
وباختصار، فإن جمع ونشر المعلومات والدعوة إلى احترام حقوق الإنسان وتعبئة الرأي العام هي في الغالب الأدوات الأكثر شيوعاً التي يستخدمها المدافعون عن حقوق الإنسان في عملهم. إلا أنهم يقومون أيضاً، كما أوضح في هذا الفرع، بتوفير المعلومات لتمكين أو تدريب الآخرين. وهم يساهمون بفعالية في توفير الوسائل المادية الضرورية لجعل حقوق الإنسان حقيقة واقعة، بتوفير المأوى والغذاء وتعزيز التنمية وما إلى ذلك. ويعملون على تحقيق التحول الديمقراطي بغية زيادة مشاركة الناس في عملية اتخاذ القرارات التي تشكل حياتهم وتعزيز الحكم الرشيد. كما يساهمون في تحسين الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والتقليل من التوترات الاجتماعية والسياسية، وبناء السلام على المستويين المحلي والدولي، وإذكاء الوعي الوطني والدولي بحقوق الإنسان.


ب. من الذي يمكن أن يصبح مدافعاً عن حقوق الإنسان؟
ليس ثمة تعريف محدد لمن هو المدافع عن حقوق الإنسان أو من الذي يمكنه أن يصبح من المدافعين عن حقوق الإنسان. فالإعلان الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان (المرفق الأول) يشير إلى "أفراد ومجموعات وجمعيات ... تساهم في ... التخلص بفعالية من جميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية للشعوب والأفراد" (الفقرة الرابعة من الديباجة).
ووفقاً لهذا التصنيف الموسع، يمكن لأي شخص أو مجموعة من الأشخاص يعملون من أجل تعزيز حقوق الإنسان أن يكونوا من المدافعين عن حقوق الإنسان، ابتداءً من المنظمات الحكومية الدولية الموجودة في أكبر المدن العالمية إلى الأفراد العاملين في إطار مجتمعاتهم المحلية. وقد يكون المدافعون عن حقوق الإنسان ذكوراً أو إناثاً، من مختلف الأعمار، ومن أي مكان في العالم وبكل أنواع الخلفيات المهنية وغيرها. ومن المهم على وجه الخصوص ملاحظة أن المدافعين عن حقوق الإنسان لا يعملون في إطار المنظمات غير الحكومية والمنظمات الحكومية الدولية فحسب، بل يمكن أن يكونوا في بعض الحالات موظفين حكوميين أو موظفين في الخدمة المدنية أو من العاملين في القطاع الخاص.

المصدر: الأمم المتحدة – المفوض السامي لحقوق الانسان